الرئيسية
الصفحة الرئيسية
الرؤية والرسالة
السيرة الذاتية
حول الموقع
أقلام العلماء
أخبار ومستجدات
أعلام وشخصيات
أبحاث ودراسات
كـتـب ومــؤلفات
مؤتمرات وندوات
مواقـع و هيئات
مال ومعامـلات
لقاءات ومقابلات
قوانين وتشريعات
تعليمي و دورات
صوتيات ومرئيات
من الموسوعة الفقهية
أضف مشاركتك
سجل الزوار
القائمة البريدية
البحث فقط في هذا القسم
ازدهار الدينار الذهبي بماليزيا مؤسسات مالية تطرح منتجات لتمويل رحلة الحج بنك سورية الإسلامي يحصل على موافقة باعتماد أسهم زيادة رأس المال إدارة المخاطر .. تحد يواجه صناعة المصرفية الإسلامية المدارس المصرفية الإسلامية .. أيتها أصح ؟ التنمية المستدامة.. رؤية إنسانية للعمل المصرفي الإسلامي الاقتصاد التركي.. نموذج رائد للعالم الإسلامي
العودة إلى فقه الاستصناع والاستصناع الموازي آخر تعديل في 26/06/2010
الصفحة الرئيسية | مال ومعامـلات | فقه الاستصناع والاستصناع الموازي | الأهمية التمويلية لعقد الإستصناع د. منير سليمان الحكيم
الأهمية التمويلية لعقد الإستصناع
د. منير سليمان الحكيم
لا شك في أن اتساع عقد الإستصناع من عقد بسيط يقوم على المتطلبات الفردية حتى وصل إلى آفاق صناعية ضخمة ذات إمكانيات هائلة قد اعتمد على حركة التجارة العالمية وخاصة دول العالم النامي، والتي منها الدول الإسلامية، وهي التي تملك موارد طبيعية أولية، مثل خامات المعادن المختلفة والبترول والفوسفات والبوتاس وغيرها، ولكنها بنفس الوقت تستورد وتعتمد على منتجات العالم الصناعي حتى في غذائها (1).
ولا شك في أن لتنوع الحاجات واختلاف الرغبات والأذواق دور مهم في ظهور عقد الإستصناع (2) فالحاجة إلى الإستصناع برزت منذ العصور الأولى وفي مختلف المجتمعات كما أن عدم توفر القدرة المادية والمالية لدى الصانعين على الإنتاج بكميات كبيرة لتلبي الطلب الفعلي المسبق من المستهلكين كان لها دور هي الأخرى في انتشار هذا العقد. ينحصر الإستصناع في المصنوعات التي تتطلب بعض المواصفات الخاصة التي لا توجد عادة في البضاعة المتوفرة في الأسواق بشكل اعتيادي كالبضائع المخزنة والمصنوعة مسبقا نظرا لتوقع صانعيها بوجود طلب عليها في فترة ما من العام، أما تلك المصنوعات أو المشروعات التي لا بد وأن تتوفر بمواصفات خاصة فلا بد من صانع محترف يقوم بصنعها، وفي حياتنا المعاصرة الكثير من الأمثلة على ذلك كالمشاريع الضخمة مثل المطارات والسدود والسفن والطائرات وغيرها(3) .
ولا يقع الإستصناع على الأشياء التي لا تدخل فيها الصنعة، فهو لا يقع على الأشياء التي تنمو نموا طبيعيا كالثمار مثلا، وبما أن هناك مرونة في جواز تعجيل الثمن أو تأجيله وجواز أن يكون الثمن منفعة معينة بما في ذلك منفعة المصنوع نفسه (4) فإن هذا يسمح لطرف ثالث كالمصرف أن يقوم بتنفيذ الإستصناع من خلال عقد الاستصناع الموازي بتمويل مزدوج للطرفين (البائع والمشتري) فهو يشتري بثمن معجل من البائع ويبيع بثمن مؤجل للمشتري ومن هنا فان عقد الإستصناع يتضمن جميع المزايا التمويلية لعقد السلم بالإضافة إلى مزاياه الأخرى المبينة فيما يلي:
1- المرونة في الدفع والتسديد: إمكانية ترتيب عقد استصناع مواز لعقد الإستصناع الأول بحيث تتضمن العملية ثلاثة أطراف المستصنع (المشتري كطرف أول) والصانع كطرف ثاني والوسيط كطرف ثالث (المصرف الإسلامي) والذي يكون بائعاً في العقد الأول ومشترياً في العقد الثاني ومبرر وجود الطرف الثالث يأتي من الخبرة الخاصة التي يطلبها المشتري أو الحاجة التمويلية من قبل المشتري أو البائع أو كليهما فالنشاط التمويلي في الإستصناع يحدث من خلال قيام المشتري بدفع الثمن معجلاً للصانع (تمويل للصانع) أو بقيام المشتري بطلب شراء البضاعة بثمن مؤجل (تمويل للمشتري) كما قد يكون التمويل مزدوجا لكليهما. بعبارة أخرى فان عقد الإستصناع والاستصناع الموازي يتميز بالمرونة في طريقة دفع الثمن مما يوفر فرصا تمويلية لكل من البائع (الصانع) والمشتري أيضا قياسا على عقد المرابحة للآمر بالشراء الذي يوفر فرصة تمويل للمشتري وقياسا على عقد السلم الذي يوفر فرصة تمويلية للبائع.
2- الجمع خواص أكثر من عقد: فقد جمع عقد الإستصناع بين خاصية عقد الإجارة في العمل وتقسيط الأجرة، وخاصية عقد السلم في استثنائه من عدم جواز بيع المعدوم حين العقد لكونه سيصنع فيما بعد، وخاصية عقد البيع المطلق في جواز أن الثمن فيه يعد ائتماناً لا يجب تعجيله، بل يمكن تقسيطه، أو تأجيله إلى ما بعد الصنع أو عند التسليم لتلبية حاجة التعامل في المشاريع الضخمة والمتطورة, وبالتالي فهو يغلق أبواب المضاربة المحرمة التي تعتمد على فرق السعر، والتي هي مجرد مضاربة بالأسعار، ولا تعتمد على إنتاج حقيقي يجمع عنصري الإنتاج الحقيقي (رأس المال والعمل)، ومن هنا تتضح أهمية عقد الإستصناع الواسعة وغير المحدودة (5).
3- جواز أن يكون الثمن منفعة معينة: من المميزات التمويلية لعقد الإستصناع ما يترتب على جواز أن يكون الثمن منفعة معينة مما يسمح بإمكانية تنفيذ عقد استصناع يكون الثمن فيه منفعة نفس الأصول المطلوب صنعها كما في مشاريع البناء - التشغيل - نقل الملكية (B.O.T) (6) والتي تعتبر من أهم وسائل تمويل مشاريع البنية التحتية الضخمة في وقتنا الحاضر لما توفره من ميزات اقتصادية ومالية على المستصنع فهي تتيح إقامة مشاريع لا يتوفر لها موازنة كافية ومن خلالها يتم نقل عبء توفير التمويل اللازم من صاحب المشروع إلى الصانع الذي يلتزم بتوفير رأس المال من مصادره الخاصة، أو بالاتفاق مع جهات تمويلية أخرى، أو من خلال طرح صكوك استثمارية لهذا الغرض وفي هذا النوع من المشاريع عادة ما يتم تأسيس شركة خاصة لهذا الغرض تضم الصانع والممول ومدير الاستثمار تكون مسئولة عن التنفيذ والإدارة والتشغيل للمشروع للفترة المتفق عليها والتي يؤول بعدها المشروع إلى المستصنع.
4- تمويل رأس المال العامل: تعد إمكانية تمويل رأس المال العامل للشركات والمشروعات وخاصة الصغيرة والمتوسطة منها ميزة تمويلية مهمة تحسب لهذا العقد، ويمثل رأس المال العامل الصافي الفرق بين الموجودات المتداولة والمطلوبات المتداولة في قائمة المركز المالي للمؤسسة، ويخضع تمويل رأس المال العامل في الفكر الإسلامي إلى الضوابط الشرعية التي تتعلق بطرق وأدوات التمويل، بالإضافة إلى الضوابط الخاصة بعملية تبادل مكونات رأس المال العامل وتداولها في السوق، كما في بقية العقود التمويلية.
5- إمكانية منح التمويل على شكل نقد سائل: يوفر عقد الإستصناع للصانع قناة تمويلية مهمة بالنظر إلى أن التمويل يمنح على شكل نقد سائل يمكن الصانع من شراء المواد اللازمة لتنفيذ العقد، فهو يمنحه مرونة في الاستخدام كما أنه يحقق له ميزة مهمة تتمثل في تخفيض تكلفة التشغيل، كما يمنحه الحرية التامة في استخدام هذا التمويل بما يتناسب ومتطلباته الخاصة طالما أنه ملتزم بتسليم المصنوع وفقا للمواصفات المتفق عليها وفي المدة المحددة، وهذا ما لا توفره العقود الأخرى.
6- اختصار فترة الدورة التشغيلية للمنتج: فالتمويل على هذا الأساس يختصر الدورة التشغيلية للمؤسسة المنتجة والتي تتمثل في التحول من النقد إلى منتجات مخزنة معدة للبيع ومن ثم إلى ذمم لتعود بعدها إلى شكلها النقدي من جديد (7) ، فعقد الإستصناع يقلل من الكلف الإنتاجية والتسويقية ومخاطر الائتمان، لكون المصنوع مباع مسبقا (بيع معجل) حتى تتحقق الصفة التمويلية للعقد، وبعكس ذلك يفقد العقد صفته التمويلية بالنسبة للصانع، ولا يشترط هنا أن يدفع المصرف كامل الثمن مقدما لتتحقق صفة التمويل فإذا جرى ترتيبها على دفعات تتضمن دفعة مقدمة ودفعات أخرى متتالية حسب نسبة الانجاز فإن ذلك يعد كافيا.
7- طريقة التسعير تحقق ربحا للوسيط: يتأثر ثمن المصنوع بطريقة الدفع التي يتم الاتفاق عليها، فلا بد أن يكون الثمن المعجل أقل من الثمن النقدي أو المؤجل، وعادة ما يتقرر الثمن في السوق أما في حالة عدم وجود أسواق منظمة فان الأمر يخضع لاتفاق الطرفين حسب تقديرات الخبراء ويقترح أحد الباحثين (8) أن تستند صيغة تقدير نسبة الخصم أو الزيادة إلى ثلاثة عناصر هي هامش ربح البيع النقدي ومعدل دوران البضاعة ومدة التأجيل أو التعجيل بحيث تكون النسبة المقترحة: هامش ربح البيع النقدي × معدل دوران البضاعة × مدة التأجيل (التعجيل) / 360، فإذا تم البيع بثمن مؤجل تعتبر النسبة المذكورة (علاوة) على السعر النقدي أما إذا تم البيع بثمن معجل فتعتبر النسبة عندئذ خصما من السعر النقدي.
8- دعم التمويل طويل الأجل في المصارف الإسلامية: يمكن لهذا العقد أن يدعم التمويل طويل الأجل في المصارف الإسلامية (9) مما يؤدي إلى تحسين في وضع نسبة التمويل طويل الأجل مقارنة بأساليب التمويل الأخرى التي تلجأ إليها المصارف الإسلامية بشكل أكبر، واذا ما قام المصرف الممول بإصدار صكوك استصناع لمشروعات معينة تتطلب حجما كبيرا من الأموال، فانه بذلك بكون قد أسهم في تعبئة الموارد المالية بشكل أكبر.
9- المساهمة في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني: من أهم المزايا التي يتمتع بها عقد الاستصناع أن عمليات الاستصناع تساهم في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني لأنها تنطوي على مشروعات حقيقية تولد الدخول وتزيد من الطلب الفعال (10)، كما تساهم في تحقيق أهداف المصرف الإسلامي بتوظيف أمواله لخدمة المجتمع وللحصول على تدفق نقدي منتظم (11) إضافة إلى المساهمة في إيجاد فرص عمل جديدة لها اثر في الحد من البطالة وآثارها الاجتماعية وتساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية (12).
10- تحمل الصانع مسئولية خطر ظهور عيب في المصنوع: فالصانع يتحمل مسؤولية خطر ظهور عيب المصنوع، ولو أنه استخدم في تنفيذ العقد صانعاً من الباطن، فالصانع يتحمل العيب تجاه المستصنع الذي تعاقد معه، والصانع من الباطن الذي استصنعه الصانع الأول يتحمل العيب تجاه الصانع الأول (13)، فمن اللوازم الشرعية لعقد الإستصناع تحمل خطر ظهور العيوب في المصنوع، وهذا أحد الفروق الجوهرية بين التمويل الربوي المعتمد على القرض، وبين الاستثمار الإسلامي المعتمد على القاعدة الشرعية: (14) "الغرم بالغنم" و"الخراج بالضمان" (15) .
--------------------------------------------------------------------------------
الهوامش
(1)الثبيتي، سعود بن مسعد، الإستصناع - تعريفه - تكييفه - حكمه - شروطه، أثره في تنشيط الحركة الاقتصادية، المكتبة المكية، مكة المكرمة، دار ابن حزم، بيروت، 1995، ص82-83
(2) الزرقا، مصطفى احمد، عقد الاستصناع ومدى أهميته في الاستثمارات الإسلامية المعاصرة، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، الدورة السابعة، العدد السابع، ج2، 1992، ص227 - 231 .
(3) محيسن، فؤاد محمد، التأصيل الشرعي لعقدي الاستصناع والمقاولة وتطبيق الاستثناع والمقاولة في المصارف الإسلامية، عمان، المؤلف، 2002، ص137.
(4) المعايير الشرعية، هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، البحرين، ص187.
(5) أبو قعنونة، شيرين محمد سالم، إدارة المخاطر في العمل المصرفي الإسلامي دراسة تأصيلية تحليلية مقارنة، رسالة ماجستير، جامعة البلقاء التطبيقية، 2006، ص449.
(6) المعايير الشرعية، هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، البحرين، ص187.
(7) حداد، فايز سليم، مبادئ الإدارة المالية، ط2، عمان، دار الحامد للنشر والتوزيع، 2010، ص329
(8) يحيى، حسني عبد العزيز، الصيغ الإسلامية للاستثمار في رأس المال العامل، رسالة دكتوراه غير منشورة، الأكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية، 2009، ص 80-87
(9) الزرقا، مصطفى احمد، عقد الاستصناع وأهميته في الاستثمارات الإسلامية المعاصرة، البنك الإسلامي للتنمية ، المعهد الإسلامي لبحوث والتدريب ، جدة 1420 هـ، ص30 .
(10) ريحان، بكر، دورة التمويل بالمضاربة، عمان، معهد الدراسات المصرفية، (5-9/5/2002)، ص46
(11) ريحان، بكر، دورة التمويل بالمضاربة، عمان، معهد الدراسات المصرفية، (5-9/5/2002)، ص46
(12) محيسن، فؤاد، دور البنوك الإسلامية في سوق عربية مشتركة، ورقة بحث مقدمة إلى مؤتمر دور المؤسسات المصرفية في الاستثمار والتنمية، تنظيم جامعة الشارقة (7-9 /5/2002)، كتاب الوقائع، ج1، الشارقة، الجامعة، 2002، ص1700.
(13) أبو قنوعة، شيرين محمد سالم، مرجع سابق.
(14) الزرقا، مصطفى احمد، عقد الإستصناع ومدى أهميته في الاستثمارات الإسلامية المعاصرة، مرجع سابق، صفحة 49.
(15) زيدان، عبد الكريم، الوجيز في شرح القواعد الفقهية، بيروت، مؤسسة الرسالة، 2001، ص143+150.
المصدر : المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية
لقد تم زيارة هذه الصفحة 218 مرة
الصفحة الرئيسية :: خريطة الموقع :: الأكثر شعبية :: :: تسجيل الدخول
--------------------------------------------------------------------------------
جميع الآراء المنشورة في هذا الموقع تعبر عن رأي أصحابها
copy rights 2008 badlah.com
الرؤية والرسالة
السيرة الذاتية
حول الموقع
أقلام العلماء
أخبار ومستجدات
أعلام وشخصيات
أبحاث ودراسات
كـتـب ومــؤلفات
مؤتمرات وندوات
مواقـع و هيئات
مال ومعامـلات
لقاءات ومقابلات
قوانين وتشريعات
تعليمي و دورات
صوتيات ومرئيات
من الموسوعة الفقهية
أضف مشاركتك
سجل الزوار
القائمة البريدية
البحث فقط في هذا القسم
ازدهار الدينار الذهبي بماليزيا مؤسسات مالية تطرح منتجات لتمويل رحلة الحج بنك سورية الإسلامي يحصل على موافقة باعتماد أسهم زيادة رأس المال إدارة المخاطر .. تحد يواجه صناعة المصرفية الإسلامية المدارس المصرفية الإسلامية .. أيتها أصح ؟ التنمية المستدامة.. رؤية إنسانية للعمل المصرفي الإسلامي الاقتصاد التركي.. نموذج رائد للعالم الإسلامي
العودة إلى فقه الاستصناع والاستصناع الموازي آخر تعديل في 26/06/2010
الصفحة الرئيسية | مال ومعامـلات | فقه الاستصناع والاستصناع الموازي | الأهمية التمويلية لعقد الإستصناع د. منير سليمان الحكيم
الأهمية التمويلية لعقد الإستصناع
د. منير سليمان الحكيم
لا شك في أن اتساع عقد الإستصناع من عقد بسيط يقوم على المتطلبات الفردية حتى وصل إلى آفاق صناعية ضخمة ذات إمكانيات هائلة قد اعتمد على حركة التجارة العالمية وخاصة دول العالم النامي، والتي منها الدول الإسلامية، وهي التي تملك موارد طبيعية أولية، مثل خامات المعادن المختلفة والبترول والفوسفات والبوتاس وغيرها، ولكنها بنفس الوقت تستورد وتعتمد على منتجات العالم الصناعي حتى في غذائها (1).
ولا شك في أن لتنوع الحاجات واختلاف الرغبات والأذواق دور مهم في ظهور عقد الإستصناع (2) فالحاجة إلى الإستصناع برزت منذ العصور الأولى وفي مختلف المجتمعات كما أن عدم توفر القدرة المادية والمالية لدى الصانعين على الإنتاج بكميات كبيرة لتلبي الطلب الفعلي المسبق من المستهلكين كان لها دور هي الأخرى في انتشار هذا العقد. ينحصر الإستصناع في المصنوعات التي تتطلب بعض المواصفات الخاصة التي لا توجد عادة في البضاعة المتوفرة في الأسواق بشكل اعتيادي كالبضائع المخزنة والمصنوعة مسبقا نظرا لتوقع صانعيها بوجود طلب عليها في فترة ما من العام، أما تلك المصنوعات أو المشروعات التي لا بد وأن تتوفر بمواصفات خاصة فلا بد من صانع محترف يقوم بصنعها، وفي حياتنا المعاصرة الكثير من الأمثلة على ذلك كالمشاريع الضخمة مثل المطارات والسدود والسفن والطائرات وغيرها(3) .
ولا يقع الإستصناع على الأشياء التي لا تدخل فيها الصنعة، فهو لا يقع على الأشياء التي تنمو نموا طبيعيا كالثمار مثلا، وبما أن هناك مرونة في جواز تعجيل الثمن أو تأجيله وجواز أن يكون الثمن منفعة معينة بما في ذلك منفعة المصنوع نفسه (4) فإن هذا يسمح لطرف ثالث كالمصرف أن يقوم بتنفيذ الإستصناع من خلال عقد الاستصناع الموازي بتمويل مزدوج للطرفين (البائع والمشتري) فهو يشتري بثمن معجل من البائع ويبيع بثمن مؤجل للمشتري ومن هنا فان عقد الإستصناع يتضمن جميع المزايا التمويلية لعقد السلم بالإضافة إلى مزاياه الأخرى المبينة فيما يلي:
1- المرونة في الدفع والتسديد: إمكانية ترتيب عقد استصناع مواز لعقد الإستصناع الأول بحيث تتضمن العملية ثلاثة أطراف المستصنع (المشتري كطرف أول) والصانع كطرف ثاني والوسيط كطرف ثالث (المصرف الإسلامي) والذي يكون بائعاً في العقد الأول ومشترياً في العقد الثاني ومبرر وجود الطرف الثالث يأتي من الخبرة الخاصة التي يطلبها المشتري أو الحاجة التمويلية من قبل المشتري أو البائع أو كليهما فالنشاط التمويلي في الإستصناع يحدث من خلال قيام المشتري بدفع الثمن معجلاً للصانع (تمويل للصانع) أو بقيام المشتري بطلب شراء البضاعة بثمن مؤجل (تمويل للمشتري) كما قد يكون التمويل مزدوجا لكليهما. بعبارة أخرى فان عقد الإستصناع والاستصناع الموازي يتميز بالمرونة في طريقة دفع الثمن مما يوفر فرصا تمويلية لكل من البائع (الصانع) والمشتري أيضا قياسا على عقد المرابحة للآمر بالشراء الذي يوفر فرصة تمويل للمشتري وقياسا على عقد السلم الذي يوفر فرصة تمويلية للبائع.
2- الجمع خواص أكثر من عقد: فقد جمع عقد الإستصناع بين خاصية عقد الإجارة في العمل وتقسيط الأجرة، وخاصية عقد السلم في استثنائه من عدم جواز بيع المعدوم حين العقد لكونه سيصنع فيما بعد، وخاصية عقد البيع المطلق في جواز أن الثمن فيه يعد ائتماناً لا يجب تعجيله، بل يمكن تقسيطه، أو تأجيله إلى ما بعد الصنع أو عند التسليم لتلبية حاجة التعامل في المشاريع الضخمة والمتطورة, وبالتالي فهو يغلق أبواب المضاربة المحرمة التي تعتمد على فرق السعر، والتي هي مجرد مضاربة بالأسعار، ولا تعتمد على إنتاج حقيقي يجمع عنصري الإنتاج الحقيقي (رأس المال والعمل)، ومن هنا تتضح أهمية عقد الإستصناع الواسعة وغير المحدودة (5).
3- جواز أن يكون الثمن منفعة معينة: من المميزات التمويلية لعقد الإستصناع ما يترتب على جواز أن يكون الثمن منفعة معينة مما يسمح بإمكانية تنفيذ عقد استصناع يكون الثمن فيه منفعة نفس الأصول المطلوب صنعها كما في مشاريع البناء - التشغيل - نقل الملكية (B.O.T) (6) والتي تعتبر من أهم وسائل تمويل مشاريع البنية التحتية الضخمة في وقتنا الحاضر لما توفره من ميزات اقتصادية ومالية على المستصنع فهي تتيح إقامة مشاريع لا يتوفر لها موازنة كافية ومن خلالها يتم نقل عبء توفير التمويل اللازم من صاحب المشروع إلى الصانع الذي يلتزم بتوفير رأس المال من مصادره الخاصة، أو بالاتفاق مع جهات تمويلية أخرى، أو من خلال طرح صكوك استثمارية لهذا الغرض وفي هذا النوع من المشاريع عادة ما يتم تأسيس شركة خاصة لهذا الغرض تضم الصانع والممول ومدير الاستثمار تكون مسئولة عن التنفيذ والإدارة والتشغيل للمشروع للفترة المتفق عليها والتي يؤول بعدها المشروع إلى المستصنع.
4- تمويل رأس المال العامل: تعد إمكانية تمويل رأس المال العامل للشركات والمشروعات وخاصة الصغيرة والمتوسطة منها ميزة تمويلية مهمة تحسب لهذا العقد، ويمثل رأس المال العامل الصافي الفرق بين الموجودات المتداولة والمطلوبات المتداولة في قائمة المركز المالي للمؤسسة، ويخضع تمويل رأس المال العامل في الفكر الإسلامي إلى الضوابط الشرعية التي تتعلق بطرق وأدوات التمويل، بالإضافة إلى الضوابط الخاصة بعملية تبادل مكونات رأس المال العامل وتداولها في السوق، كما في بقية العقود التمويلية.
5- إمكانية منح التمويل على شكل نقد سائل: يوفر عقد الإستصناع للصانع قناة تمويلية مهمة بالنظر إلى أن التمويل يمنح على شكل نقد سائل يمكن الصانع من شراء المواد اللازمة لتنفيذ العقد، فهو يمنحه مرونة في الاستخدام كما أنه يحقق له ميزة مهمة تتمثل في تخفيض تكلفة التشغيل، كما يمنحه الحرية التامة في استخدام هذا التمويل بما يتناسب ومتطلباته الخاصة طالما أنه ملتزم بتسليم المصنوع وفقا للمواصفات المتفق عليها وفي المدة المحددة، وهذا ما لا توفره العقود الأخرى.
6- اختصار فترة الدورة التشغيلية للمنتج: فالتمويل على هذا الأساس يختصر الدورة التشغيلية للمؤسسة المنتجة والتي تتمثل في التحول من النقد إلى منتجات مخزنة معدة للبيع ومن ثم إلى ذمم لتعود بعدها إلى شكلها النقدي من جديد (7) ، فعقد الإستصناع يقلل من الكلف الإنتاجية والتسويقية ومخاطر الائتمان، لكون المصنوع مباع مسبقا (بيع معجل) حتى تتحقق الصفة التمويلية للعقد، وبعكس ذلك يفقد العقد صفته التمويلية بالنسبة للصانع، ولا يشترط هنا أن يدفع المصرف كامل الثمن مقدما لتتحقق صفة التمويل فإذا جرى ترتيبها على دفعات تتضمن دفعة مقدمة ودفعات أخرى متتالية حسب نسبة الانجاز فإن ذلك يعد كافيا.
7- طريقة التسعير تحقق ربحا للوسيط: يتأثر ثمن المصنوع بطريقة الدفع التي يتم الاتفاق عليها، فلا بد أن يكون الثمن المعجل أقل من الثمن النقدي أو المؤجل، وعادة ما يتقرر الثمن في السوق أما في حالة عدم وجود أسواق منظمة فان الأمر يخضع لاتفاق الطرفين حسب تقديرات الخبراء ويقترح أحد الباحثين (8) أن تستند صيغة تقدير نسبة الخصم أو الزيادة إلى ثلاثة عناصر هي هامش ربح البيع النقدي ومعدل دوران البضاعة ومدة التأجيل أو التعجيل بحيث تكون النسبة المقترحة: هامش ربح البيع النقدي × معدل دوران البضاعة × مدة التأجيل (التعجيل) / 360، فإذا تم البيع بثمن مؤجل تعتبر النسبة المذكورة (علاوة) على السعر النقدي أما إذا تم البيع بثمن معجل فتعتبر النسبة عندئذ خصما من السعر النقدي.
8- دعم التمويل طويل الأجل في المصارف الإسلامية: يمكن لهذا العقد أن يدعم التمويل طويل الأجل في المصارف الإسلامية (9) مما يؤدي إلى تحسين في وضع نسبة التمويل طويل الأجل مقارنة بأساليب التمويل الأخرى التي تلجأ إليها المصارف الإسلامية بشكل أكبر، واذا ما قام المصرف الممول بإصدار صكوك استصناع لمشروعات معينة تتطلب حجما كبيرا من الأموال، فانه بذلك بكون قد أسهم في تعبئة الموارد المالية بشكل أكبر.
9- المساهمة في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني: من أهم المزايا التي يتمتع بها عقد الاستصناع أن عمليات الاستصناع تساهم في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني لأنها تنطوي على مشروعات حقيقية تولد الدخول وتزيد من الطلب الفعال (10)، كما تساهم في تحقيق أهداف المصرف الإسلامي بتوظيف أمواله لخدمة المجتمع وللحصول على تدفق نقدي منتظم (11) إضافة إلى المساهمة في إيجاد فرص عمل جديدة لها اثر في الحد من البطالة وآثارها الاجتماعية وتساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية (12).
10- تحمل الصانع مسئولية خطر ظهور عيب في المصنوع: فالصانع يتحمل مسؤولية خطر ظهور عيب المصنوع، ولو أنه استخدم في تنفيذ العقد صانعاً من الباطن، فالصانع يتحمل العيب تجاه المستصنع الذي تعاقد معه، والصانع من الباطن الذي استصنعه الصانع الأول يتحمل العيب تجاه الصانع الأول (13)، فمن اللوازم الشرعية لعقد الإستصناع تحمل خطر ظهور العيوب في المصنوع، وهذا أحد الفروق الجوهرية بين التمويل الربوي المعتمد على القرض، وبين الاستثمار الإسلامي المعتمد على القاعدة الشرعية: (14) "الغرم بالغنم" و"الخراج بالضمان" (15) .
--------------------------------------------------------------------------------
الهوامش
(1)الثبيتي، سعود بن مسعد، الإستصناع - تعريفه - تكييفه - حكمه - شروطه، أثره في تنشيط الحركة الاقتصادية، المكتبة المكية، مكة المكرمة، دار ابن حزم، بيروت، 1995، ص82-83
(2) الزرقا، مصطفى احمد، عقد الاستصناع ومدى أهميته في الاستثمارات الإسلامية المعاصرة، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، الدورة السابعة، العدد السابع، ج2، 1992، ص227 - 231 .
(3) محيسن، فؤاد محمد، التأصيل الشرعي لعقدي الاستصناع والمقاولة وتطبيق الاستثناع والمقاولة في المصارف الإسلامية، عمان، المؤلف، 2002، ص137.
(4) المعايير الشرعية، هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، البحرين، ص187.
(5) أبو قعنونة، شيرين محمد سالم، إدارة المخاطر في العمل المصرفي الإسلامي دراسة تأصيلية تحليلية مقارنة، رسالة ماجستير، جامعة البلقاء التطبيقية، 2006، ص449.
(6) المعايير الشرعية، هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، البحرين، ص187.
(7) حداد، فايز سليم، مبادئ الإدارة المالية، ط2، عمان، دار الحامد للنشر والتوزيع، 2010، ص329
(8) يحيى، حسني عبد العزيز، الصيغ الإسلامية للاستثمار في رأس المال العامل، رسالة دكتوراه غير منشورة، الأكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية، 2009، ص 80-87
(9) الزرقا، مصطفى احمد، عقد الاستصناع وأهميته في الاستثمارات الإسلامية المعاصرة، البنك الإسلامي للتنمية ، المعهد الإسلامي لبحوث والتدريب ، جدة 1420 هـ، ص30 .
(10) ريحان، بكر، دورة التمويل بالمضاربة، عمان، معهد الدراسات المصرفية، (5-9/5/2002)، ص46
(11) ريحان، بكر، دورة التمويل بالمضاربة، عمان، معهد الدراسات المصرفية، (5-9/5/2002)، ص46
(12) محيسن، فؤاد، دور البنوك الإسلامية في سوق عربية مشتركة، ورقة بحث مقدمة إلى مؤتمر دور المؤسسات المصرفية في الاستثمار والتنمية، تنظيم جامعة الشارقة (7-9 /5/2002)، كتاب الوقائع، ج1، الشارقة، الجامعة، 2002، ص1700.
(13) أبو قنوعة، شيرين محمد سالم، مرجع سابق.
(14) الزرقا، مصطفى احمد، عقد الإستصناع ومدى أهميته في الاستثمارات الإسلامية المعاصرة، مرجع سابق، صفحة 49.
(15) زيدان، عبد الكريم، الوجيز في شرح القواعد الفقهية، بيروت، مؤسسة الرسالة، 2001، ص143+150.
المصدر : المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية
لقد تم زيارة هذه الصفحة 218 مرة
الصفحة الرئيسية :: خريطة الموقع :: الأكثر شعبية :: :: تسجيل الدخول
--------------------------------------------------------------------------------
جميع الآراء المنشورة في هذا الموقع تعبر عن رأي أصحابها
copy rights 2008 badlah.com
» آفات اللسان
» أضرار المخدرات
» الإفراج عن الشيخ رائد صلاح
» الإيدز ، أسبابه وعلاجه
» قصة صديق
» يوم الثلثاء !!!
» قصة ( طيهاثا )
» قصة اختراع الهاتف
» قصة اختراع السيارة